فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَفْرِيقِهِ بَيْنَ عِتْقِ النَّسَمَةِ وَفَكِّ الرَّقَبَةِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ عَاهِرٌ

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ أَوْ أَهْلِهِ فَهُوَ عَاهِرٌ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ أَوْ قَالَ نَكَحَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ عَاهِرٌ‏.‏

وَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا مِنْدَلٌ‏,‏ عَنْ ابْنُ جُرَيْجٍ‏,‏ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ‏,‏ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ رضي الله عنها أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلاَهُ فَهُوَ زَانٍ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ مَا مَعْنَى مَا فِي هَذِهِ الآثَارِ مِنْ إطْلاَقِ الزِّنَا أَوْ الْعَهْرِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُتَزَوِّجِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلاَهُ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ دُخُولٍ مِنْهُ بِمَنْ تَزَوُّجَهُ كَذَلِكَ وَلاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَكُمْ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ كَذَلِكَ وَدَخَلَ أَنَّهُ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي عَنْهُ أَنْ يَكُونَ بِعَقْدِهِ ذَلِكَ التَّزْوِيجَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا أَطْلَقَهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ، بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ، أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ مَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الآثَارِ لِلتَّزْوِيجِ الَّذِي يَكُونُ سَبَبًا لِلدُّخُولِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ كَمَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الآثَارِ فَسُمِّيَ سَبَبُهُ بِاسْمِهِ كَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَسْمِيَتِهِ الأَشْيَاءَ الَّتِي يُتَوَصَّلُ إلَى الزِّنَا بِهَا الزِّنَا الَّذِي هُوَ اسْمٌ لِحَقِيقَةِ مَا يَكُونُ بِهَا‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَالرِّجْلاَنِ تَزْنِيَانِ وَالْفَرْجُ يَزْنِي‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَفَّانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ عُضْوٍ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا فَالْعَيْنُ تَزْنِي وَزِنَاهَا النَّظَرُ، وَاللِّسَانُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْكَلاَمُ، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْمَشْيُ، وَالسَّمْعُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الاِسْتِمَاعُ، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَاللِّسَانُ يَزْنِي وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَالرِّجْلاَنِ تَزْنِيَانِ وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْعَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا مِنْ هَذِهِ الآثَارِ إطْلاَقُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَذِهِ الأَعْضَاءِ الزِّنَا إذَا كَانَتْ مِنْ أَسْبَابِهِ وَإِذَا كَانَ لاَ يُوصَلُ إلَيْهِ إِلاَّ بِهَا‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ وَأَبُو أُمَيَّةَ قَالاَ ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ سَمِعْت غُنَيْمَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْت أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ رضي الله عنه يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ وَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ وَكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ‏.‏

فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ إطْلاَقِهِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُتَزَوِّجِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ مَا أَطْلَقَهُ عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الآثَارِ الَّتِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهَا فِي هَذَا الْبَابِ لأَنَّهُ سَبَبٌ لِمَا يَسْتَحِقُّ بِهِ ذَلِكَ الاِسْمَ وَلَمْ يُحَدَّ فِي ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ غَيْرُ مَحْدُودٍ فِيهِ لِلشُّبْهَةِ الَّتِي دَخَلَتْهُ مِنْ التَّزْوِيجِ الَّذِي تَقَدَّمَهُ مِنْ وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِ وَمِنْ ثُبُوتِ نَسَبِ وَلَدٍ إنْ كَانَ مِنْهُ وَلَيْسَ كُلُّ عَاهِرٍ مَحْدُودًا كَمَا لَيْسَ كُلُّ سَارِقٍ مَقْطُوعًا‏,‏ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ أَمَرَ بِهِ حَمْنَةَ ابْنَةَ جَحْشٍ فِي الاِسْتِحَاضَةِ الَّتِي كَانَتْ بِهَا

كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ حَمْنَةَ ابْنَةِ جَحْشٍ قَالَتْ كُنْت أَسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَأَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ فَوَجَدْته فِي بَيْتِ أُخْتِي زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي أَسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً أَوْ شَدِيدَةً فَمَا تَرَى فِيهَا قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلاَةَ وَالصَّوْمَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَنْعَتُ لَك الْكُرْسُفَ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَتَلَجَّمِي قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَاِتَّخِذِي ثَوْبًا قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا أَثُجُّ ثَجًّا قَالَ سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ أَيَّهُمَا فَعَلْتِ أَجْزَأَ عَنْكِ مِنْ الآخَرِ وَإِنْ قَوِيَتْ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ فَإِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ تَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً فِي عِلْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى إذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَأْتِ فَصَلِّي ثَلاَثًا وَعِشْرِينَ أَوْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا وَصُومِي فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُكِ وَافْعَلِي كَذَلِكَ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ‏.‏

وَكَمَا يَطْهُرْنَ لِمِيقَاتِ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ وَإِنْ قَوِيَتْ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ وَتَغْتَسِلِي‏,‏ ثُمَّ تَجْمَعِي بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَتُؤَخِّرِي الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلِي الْعِشَاءَ ثُمَّ تَغْتَسِلِي وَتَجْمَعِي بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ فَافْعَلِي وَتَغْتَسِلِي مَعَ الْفَجْرِ فَصَلِّي وَصُومِي إنْ قَدَرْت عَلَى ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا أَعْجَبُ الأَمْرَيْنِ إلَيَّ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أُمِّهِ حَمْنَةَ ابْنَةِ جَحْشٍ أَنَّهَا اُسْتُحِيضَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي اُسْتُحِضْت حَيْضَةً مُنْكَرَةً شَدِيدَةً فَقَالَ احْتَشِي كُرْسُفًا قَالَتْ إنَّهُ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ إنِّي أَثُجُّهُ ثَجًّا قَالَ تَلَجَّمِي وَتَحَيَّضِي فِي كُلِّ شَهْرٍ فِي عِلْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ ثُمَّ اغْتَسِلِي غُسْلاً وَصَلِّي وَصُومِي ثَلاَثًا وَعِشْرِينَ أَوْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ أَوْ أَخِّرِي الظُّهْرَ وَقَدِّمِي الْعَصْرَ وَاغْتَسِلِي لَهُمَا غُسْلاً وَأَخِّرِي الْمَغْرِبَ وَقَدِّمِي الْعِشَاءَ وَاغْتَسِلِي لَهُمَا غُسْلاً‏.‏

وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ قَرَأْت عَلَى شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَمْنَةَ أَنْ تَتَحَيَّضَ فِي عِلْمِ اللهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تُصَلِّيَ وَتَصُومَ ثَلاَثًا وَعِشْرِينَ أَوْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا فَقَالَ قَائِلٌ وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَقْبَلُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ هَذَا مِنْ أَمْرِهِ حَمْنَةَ أَنْ تَدَعَ الصَّلاَةَ وَالصِّيَامَ يَوْمًا قَدْ يَجُوزُ أَنَّ عَلَيْهَا الصَّوْمَ وَالصَّلاَةَ فِيهِ‏؟‏‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ، بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ، أَنَّ الَّذِي ظَنَّهُ مِمَّا أُمِرَتْ بِهِ هَذِهِ الْمَرْأَةُ مِمَّا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ كَمَا ظَنَّ وَلَمْ يَأْمُرْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا تَوَهَّمَ أَنَّهُ أَمَرَهَا بِهِ مِمَّا رَدَّ الْخِيَارَ فِيهِ إلَيْهَا أَنْ تَتَحَيَّض سِتًّا أَوْ سَبْعًا وَلَكِنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَتَحَيَّضَ فِي عِلْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَكْبَرُ ظَنِّهَا أَنَّهَا فِيهِ حَائِضٌ بِالتَّحَرِّي مِنْهَا لِذَلِكَ كَمَا أَمَرَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَكٌّ فِي صَلاَتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلاَثًا صَلَّى مِنْهَا أَمْ أَرْبَعًا أَنْ يَتَحَرَّى أَغْلَبَ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ فَيَعْمَلَ عَلَيْهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ أَمْرُهُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فِي حَيْضِهَا بِمَا أَمَرَهَا بِهِ فِيهِ وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ وَقَدْ أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ عَنْهَا عِلْمُ أَيَّامِهَا الَّتِي تَحَيُّضُهُنَّ أَيُّ أَيَّامٍ هِيَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَأَمَرَهَا بِتَحَرِّيهَا كَمَا أَمَرَ الْمُصَلِّيَ فِي صَلاَتِهِ عِنْدَ شَكِّهِ كَمْ صَلَّى مِنْهَا بِالْعَمَلِ عَلَى مَا يُؤَدِّيهِ إلَيْهِ تَحَرِّيهِ فِيهِ وَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ السِّتَّةِ أَوْ السَّبْعَةِ إنَّمَا هُوَ شَكٌّ دَخَلَ عَلَى بَعْضِ رُوَاتِهِ فَقَالَ ذَلِكَ عَلَى الشَّكِّ فَأَمَّا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَأْمُرْهَا إِلاَّ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ أَوْ بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ لاَ بِاخْتِيَارٍ مِنْهَا فِي ذَلِكَ لأَحَدِ الْعَدَدَيْنِ وَلَكِنْ لأَنَّ أَيَّامَهَا كَانَتْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَحَدَ الْعَدَدَيْنِ وَذَهَبَ عَنْهَا مَوْضِعُهَا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَأَعْلَمَتْهُ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ فَأَمَرَهَا بِمَا أَمَرَهَا بِهِ فِيهِ‏.‏

وَأَمَّا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَهَا وَإِنْ قَدَرْت عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ وَتَغْتَسِلِي وَتَجْمَعِي بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ حَتَّى ذَكَرَ مَعَ ذَلِكَ مَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى الرُّخْصَةِ مِنْهُ لَهَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ كَمَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لأَنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْهَا وَقْتُ صَلاَةٍ إِلاَّ احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ فِيهِ حَائِضًا لاَ صَلاَةَ عَلَيْهَا فِيهِ أَوْ طَاهِرًا مِنْ حَيْضٍ وَاجِبًا عَلَيْهَا الْغُسْلُ أَوْ مُسْتَحَاضَةً وَاجِبًا عَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَكَانَ الَّذِي عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ أَنْ تَغْتَسِلَ لِوَقْتِ كُلِّ صَلاَةٍ حَتَّى تُصَلِّيَ الصَّلاَةَ الَّتِي تَغْتَسِلُ لَهَا عَلَى عِلْمٍ مِنْهَا بِأَنَّهَا طَاهِرٌ طُهْرًا يُجْزِئُهَا مَعَهُ تِلْكَ الصَّلاَةُ فَلَمَّا عَجَزَتْ عَنْ ذَلِكَ وَضَعُفَتْ عَنْهُ جَعَلَ لَهَا صلى الله عليه وسلم أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ بِتَأْخِيرِ الآُولَى مِنْهُمَا إلَى وَقْتِ الآخِرَةِ مِنْهُمَا‏,‏ فَتَغْتَسِلَ حِينَئِذٍ‏,‏ ثُمَّ تُصَلِّيَ الآُولَى مِنْهُمَا إلَى وَقْتِ الآخِرَةِ مِنْهُمَا وَتُصَلِّيَ الآخِرَةَ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا وَتَغْتَسِلَ لِلصُّبْحِ غُسْلاً فَتُصَلِّيَهَا وَهِيَ طَاهِرٌ بِذَلِكَ الْغُسْلِ وَهَذَا فَأَحْسَنُ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ تِلْكَ الْمَرْأَةُ فِي صَلَوَاتِهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحْسَنِ الأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ فِي هَذَا الْجِنْسِ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَلِمَ أُمِرَتْ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلاَتَيْنِ فِي وَقْتِ الآخِرَةِ مِنْهَا وَلَمْ تُؤْمَرْ أَنْ تُصَلِّيَهُمَا فِي وَقْتِ الآُولَى مِنْهُمَا‏؟‏ قِيلَ لَهُ لِمَعْنَيَيْنِ‏.‏

أَمَّا أَحَدُهُمَا فَلأَنَّهَا لَوْ صَلَّتْهُمَا فِي وَقْتِ الآُولَى مِنْهُمَا لَكَانَتْ قَدْ صَلَّتْ الآخِرَةَ مِنْهُمَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا‏.‏

وَالآخَرُ أَنَّهَا إذَا دَخَلَ عَلَيْهَا وَقْتُ الآخِرَةِ مِنْهُمَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ فَتَكُونُ بِهِ طَاهِرًا إلَى آخِرِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَيَكُونُ إذَا صَلَّتْ فِيهِ الصَّلاَتَيْنِ جَمِيعًا صَلَّتْهُمَا وَهِيَ طَاهِرَةٌ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَدُلُّ عَلَى مِقْدَارِ قَلِيلِ الْحَيْضِ كَمْ هُوَ‏؟‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدِّمَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِتَنْظُرْ عِدَّةَ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحَيُّضُهُنَّ مِنْ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا ثُمَّ لِتَدَعْ الصَّلاَةَ ثُمَّ لِتَغْتَسِلْ وَلِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ تُصَلِّي‏.‏

وَحَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَنَا مَالِكٌ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفُ بِالضَّعِيفِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ قَالَ قَالَ سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ تَدَعُ الصَّلاَةَ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحَيُّضُهُنَّ أَوْ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا الشَّكُّ مِنْ أَيُّوبَ لاَ أَدْرِي هَذَا قَالَ أَوْ قَالَ هَذَا‏.‏

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحَيُّضُهُنَّ مِنْ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا فَتَدَعْ الصَّلاَةَ ثُمَّ تَغْتَسِلْ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْحَيْضَ لَيَالِيَ وَأَيَّامٌ‏.‏

وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ‏:‏ إنَّهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ لاَ أَقَلُّ مِنْهَا وَمِنْ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله وَأَصْحَابُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْت نَافِعًا يُحَدِّثُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ سَأَلَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ أَبِي حُبَيْشٍ وَكَانَتْ تُهَرَاقُ دَمًا فَأَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلاَةَ أَقْرَاءَهَا وَقَدْرَهُنَّ مِنْ الشَّهْرِ ثُمَّ تَغْتَسِلَ وَتَسْتَثْفِرَ بِثَوْبٍ ثُمَّ تُصَلِّيَ فَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِلأَيَّامِ وَلاَ اللَّيَالِي ذِكْرٌ‏,‏ فَقَدْ اتَّفَقَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَأَيُّوبُ وَمَالِكٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْقَوْلَ الَّذِي يُوجِبُ أَنَّ الْحَيْضَ لَيَالِيَ وَأَيَّامٌ وَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ هَذَا حَدِيثٌ فَاسِدُ الإِسْنَادِ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَمِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْفُرَاتِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ عَنْ رَجُلٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ سَوَاءً‏,‏ أَوْ بِأَلْفَاظِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ حُمَيْدٍ الرُّعَيْنِيُّ أَبُو قُرَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ أَخْبَرَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ إسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ دَخَلَهُ مَا قَدْ ذَكَرَهُ وَلَكِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثٍ آخَرَ مَا يَدُلُّنَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي قَلِيلِ الْحَيْضِ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ‏,‏ عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّهُ قَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الاِسْتِغْفَارَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ قَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ‏؟‏ قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ مَا رَأَيْت مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ مَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ‏؟‏ قَالَ أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بِعَدْلِ شَهَادَةِ رَجُلٍ فَهَذَا مِنْ نُقْصَانِ الْعَقْلِ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ‏.‏

وَوَجَدْنَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْمَعْنَى مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ فَوَعَظَ ثُمَّ قَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ‏,‏ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ‏؟‏ قَالَ بِكَثْرَةِ لَعْنِكُنَّ وَكُفْرِكُنَّ الْعَشِيرَ وَمَا رَأَيْت مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لأَلْبَابِ ذَوِي الرَّأْيِ مِنْكُنَّ‏,‏ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا نُقْصَانُ عُقُولِنَا وَدِينِنَا‏؟‏‏,‏ قَالَ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ مِنْكُنَّ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَنُقْصَانُ دِينِكُنَّ الْحَيْضَةُ تَمْكُثُ إحْدَاكُنَّ الثَّلاَثَ وَالأَرْبَعَ لاَ تُصَلِّي‏.‏

وَلاَ نَعْلَمُ شَيْئًا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مِقْدَارِ قَلِيلِ الْحَيْضِ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا فَكَانَ هَذَا مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى مِقْدَارِهِ وَأَنَّهُ أَيَّامٌ وَلَيَالِي وَأَوْجَبَ الْقَوْلَ بِهِ وَتَرْكَ خِلاَفِهِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الدَّمِ الأَسْوَدِ وَالدَّمِ الَّذِي لَيْسَ كَذَلِكَ هَلْ يَدُلَّانِ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَيْضِ أَوْ عَلَى حَقِيقَةِ الاِسْتِحَاضَةِ أَمْ لاَ‏؟‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَّلاَةِ وَإِذَا كَانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِي هَذَا أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ بِاعْتِبَارِ دَمِهَا لِتَعْلَمَ بِسَوَادِهِ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ وَلِتَعْلَمَ بِرُؤْيَتِهَا إيَّاهُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ أَنَّهُ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ غَيْرَ أَنَّا كَشَفْنَا عَنْ إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا يَرْوِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ إِلاَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُثَنَّى وَذَكَرَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ كَذَلِكَ‏,‏ وَقِيلَ لَهُ إنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَدْ كَانَ حَدَّثَ بِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَدِيٍّ فَأَوْقَفَهُ عَلَى عُرْوَةَ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ إلَى عَائِشَةَ فَقَالَ إنَّمَا سَمِعْته مِنْ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ مِنْ حِفْظِهِ فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلاً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بِالْقَوِيِّ وَقَوِيَ فِي الْقُلُوبِ أَنَّ حَقِيقَتَهُ عَنِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ كَمَا حَدَّثَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ‏,‏ لاَ كَمَا حَدَّثَ بِهِ هُوَ‏,‏ ثُمَّ طَلَبْنَاهُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِمَّا يَرْجِعُ إلَى الزُّهْرِيِّ فَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ‏,‏ عَنْ سُهَيْلٍ، يَعْنِي ابْنَ أَبِي صَالِحٍ،‏,‏ عَنْ الزُّهْرِيِّ‏,‏ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ عُمَيْسٍ قَالَتْ‏:‏ قُلْت‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ اُسْتُحِيضَتْ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا‏,‏ فَلَمْ تُصَلِّ فَقَالَ سُبْحَانَ اللهِ هَذَا مِنْ الشَّيْطَانِ لِتَجْلِسْ عَلَى مِرْكَنٍ‏,‏ فَإِنْ رَأَتْ صُفْرَةً فَوْقَ الْمَاءِ فَلْتَغْتَسِلْ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ غُسْلاً وَاحِدًا‏,‏ ثُمَّ تَغْتَسِلُ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ غُسْلاً وَاحِدًا‏,‏ وَتَتَوَضَّأُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ وَلَيْسَ فِيهِ أَمْرُهُ إيَّاهَا بِاعْتِبَارِ لَوْنِ الدَّمِ‏,‏ ثُمَّ طَلَبْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ‏,‏ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ‏,‏ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها‏,‏ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ فَقَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي أُسْتَحَاضُ‏,‏ فَلاَ يَنْقَطِعُ عَنِّي الدَّمُ‏,‏ فَأَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلاَةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا‏,‏ ثُمَّ تَغْتَسِلَ‏,‏ وَتَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلاَةٍ وَتُصَلِّي وَلَوْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ قَطْرًا وَوَجَدْنَا صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ وَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ‏,‏ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ‏,‏، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ‏:‏ إنِّي أَحِيضُ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ‏,‏ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَيْضٍ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ مِنْ دَمِك‏,‏ فَإِذَا أَقْبَلَ الْحَيْضُ‏,‏ فَدَعِي الصَّلاَةَ‏,‏ وَإِذَا أَدْبَرَ‏,‏ فَاغْتَسِلِي لِطُهْرِك‏,‏ ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ عَنْ حَمَّادٍ، يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ،‏,‏ عَنْ هِشَامٍ‏,‏، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها‏:‏ اُسْتُحِيضَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِي حُبَيْشٍ‏,‏ فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم‏,‏ فَقَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي أُسْتَحَاضُ‏,‏ فَلاَ أَطْهُرُ‏,‏ أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ‏,‏ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ‏,‏ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ‏,‏ فَدَعِي الصَّلاَةَ‏,‏ وَإِذَا أَدْبَرَتْ‏,‏ فَاغْسِلِي عَنْك أَثَرَ الدَّمِ‏,‏ وَتَوَضَّئِي‏,‏ فَإِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ‏,‏ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ قِيلَ لَهُ‏:‏ فَالْغُسْلُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ وَذَاكَ يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ‏؟‏‏,‏ وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ‏,‏ قَالَ أَنْبَأْنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ‏,‏ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ‏,‏، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها‏,‏ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا‏,‏ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَتَوَضَّئِي وَصَلِّي وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرٌو‏,‏ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ‏,‏ وَمَالِكٌ‏,‏ وَاللَّيْثُ‏,‏ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ‏,‏، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها يَعْنِي أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ جَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَتْ تُسْتَحَاضُ‏,‏ فَقَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي وَاَللَّهِ مَا أَطْهُرُ‏,‏ أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ أَبَدًا‏؟‏ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ‏,‏ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ‏,‏ فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ‏,‏ فَاتْرُكِي الصَّلاَةَ‏,‏ وَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا‏,‏ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ‏,‏ ثُمَّ صَلِّي فَفِيمَا ذَكَرْنَا، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي أَمْرِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ أَبِي حُبَيْشٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَمَرَهَا بِتَرْكِ الصَّلاَةِ فِي أَيَّامِ الْحَيْضَةِ نَفْسِهَا وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ تَعْرِفُ أَيَّامَهَا بِغَيْرِ أَمْرٍ مِنْهُ إيَّاهَا أَنْ تَعْتَبِرَهَا بِلَوْنِ دَمِهَا وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْهَا نَفْسِهَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهِ إيَّاهَا فِي ذَلِكَ بِمَا يُوَافِقُ هَذَا الْمَعْنَى وَبِمَا يُخَالِفُ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ‏,‏ قَالَ شُعَيْبٌ‏:‏ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ‏,‏ وَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ‏:‏ أَنْبَأْنَا اللَّيْثُ‏,‏ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ‏,‏ عَنْ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللهِ‏,‏ عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ‏,‏ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ أَبِي حُبَيْشٍ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَشَكَتْ إلَيْهِ الدَّمَ‏,‏ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ‏,‏ فَانْظُرِي إذَا أَتَاك قُرْؤُك‏,‏ فَلاَ تُصَلِّي‏,‏ وَإِذَا مَرَّ الْقُرْءُ فَتَطَهَّرِي‏,‏ ثُمَّ صَلِّي مِنْ الْقُرْءِ إلَى الْقُرْءِ فَكَانَ ذَلِكَ أَيْضًا مُوَافِقًا لِمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها‏,‏ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهَا‏,‏ وَمُخَالِفًا لِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ فِيهِ‏,‏ ثُمَّ اعْتَبَرْنَا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهِ غَيْرَهَا مِنْ الْمُسْتَحَاضَاتِ هَلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ اعْتِبَارِ لَوْنِ الدَّمِ أَمْ لاَ‏.‏

فَوَجَدْنَا الْمُزَنِيّ قَدْ حَدَّثَنَا‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ‏,‏ عَنْ الزُّهْرِيِّ‏,‏ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ ابْنَةَ جَحْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم‏,‏ فَقَالَ إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي‏.‏

وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ‏,‏ وَالأَوْزَاعِيُّ‏,‏ وَأَبُو مَعْبَدٍ حَفْصُ بْنُ غَيْلاَنَ‏,‏ عَنْ الزُّهْرِيِّ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ وَعَمْرَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ‏:‏ اُسْتُحِيضَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ ابْنَةُ جَحْشٍ‏,‏ فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ فَقَالَ لَهَا‏:‏ إنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ‏,‏ وَلَكِنَّهُ عِرْقٌ فَتَقَهُ إبْلِيسُ‏,‏ فَإِذَا أَدْبَرَتْ الْحَيْضَةُ‏,‏ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي‏,‏ وَإِذَا أَدْبَرَتْ الْحَيْضَةُ‏,‏ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي‏,‏ وَإِذَا أَدْبَرَتْ‏,‏ فَاتْرُكِي لَهَا الصَّلاَةَ‏.‏

وَوَجَدْنَا سُلَيْمَانَ بْنَ شُعَيْبٍ‏,‏ قَدْ، حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيِّ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ وَعَمْرَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ‏:‏ اُسْتُحِيضَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ‏:‏ فَتَقَهُ إبْلِيسُ‏.‏

وَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ الْمُرَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَسَدٌ‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ‏,‏ عَنْ الزُّهْرِيِّ‏,‏ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ ابْنَةَ جَحْشٍ اُسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ‏,‏ فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَقَالَ‏:‏ إنَّ هَذَا عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْر‏,‏ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ‏,‏ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ‏,‏ عَنْ عُرْوَةَ‏,‏، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها مِثْلَهُ‏.‏

فَكَانَتْ هَذِهِ الآثَارُ أَيْضًا خَالِيَةً مِنْ اعْتِبَارِ لَوْنِ الدَّمِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ‏,‏ وَوَجَدْنَا النَّظَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لاَ مَعْنَى لاِعْتِبَارِ لَوْنِ الدَّمِ‏,‏ لأَنَّا رَأَيْنَا الأَحْدَاثَ مِنْ الْغَائِطِ وَمِنْ الْبَوْلِ لاَ تُعْتَبَرُ أَلْوَانُهَا‏,‏ وَإِنَّمَا الأَحْكَامُ لَهَا فِي أَنْفُسِهَا‏,‏ لاَ لأَلْوَانِهَا‏,‏ وَوَجَدْنَا دَمَ الْقُرْءِ‏,‏ وَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ فِيهِ عَلَى مَذْهَبَيْنِ‏,‏ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ‏:‏ إنَّهُ لَيْسَ بِحَدَثٍ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْهَبُ إلَى أَنَّهُ حَدَثٌ‏,‏ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْكُوفَةِ‏,‏ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ اعْتَبَرَ لَوْنَهُ‏,‏ وَإِنَّمَا الْحُكْمُ عِنْدَهُ فِيهِ لِنَفْسِهِ‏,‏ فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي النَّظَرِ دَمَ الْحَيْضِ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ نَفْسِهِ لاَ حُكْمَ لَوْنِهِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَفْرِيقِهِ بَيْنَ عِتْقِ النَّسَمَةِ وَفَكِّ الرَّقَبَةِ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد صَاحِبُ الطَّيَالِسَةِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ طَلْحَةَ الإِيَامِيَّ فَحَدَّثَنِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ‏:‏ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عَلِّمْنِي عَمَلاً يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرْتَ الْخُطْبَةَ لَقَدْ أَعْرَضْتَ الْمَسْأَلَةَ أَعْتِقْ النَّسَمَةَ وَفُكَّ الرَّقَبَةَ قَالَ‏:‏ أَوَلَيْسَا وَاحِدًا‏؟‏ قَالَ‏:‏ لاَ‏;‏ عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ تَنْفَرِدَ بِعِتْقِهَا وَفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ فِي ثَمَنِهَا وَالْمِنْحَةُ الْوَكُوفُ وَالْفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الظَّالِمِ فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ فَأَطْعِمْ الْجَائِعَ وَاسْقِ الظَّمْآنَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنْكَرِ فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلاَّ مِنْ خَيْرٍ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي طَلْحَةُ الإِيَامِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ وَالْفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الظَّالِمِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ذِكْرِ عِتْقِ الرَّقَبَةِ فَوَجَدْنَاهُ مَا قَدْ عَرَفَ النَّاسُ مِمَّا تَعَبَّدَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنْ عِتْقِ الرِّقَابِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ الْخَطَأِ وَفِي الظِّهَارِ وَفِي كَفَّارَاتِ الأَيْمَانِ‏,‏ وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ النُّذُورِ الَّتِي يَنْذُرُونَهَا وَالإِيجَابَاتِ الَّتِي يُوجِبُونَهَا فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا يَتَطَوَّعُونَهُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ‏.‏

وَتَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم وَفَكُّ الرَّقَبَةِ فَوَجَدْنَا ذَلِكَ عَلَى فَكِّهَا مِمَّا هِيَ مَأْسُورَةٌ بِهِ مِنْ دَيْنٍ هِيَ فِيهِ مَحْبُوسَةٌ وَمِمَّا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا هِيَ بِهِ مَطْلُوبَةٌ حَتَّى تُفَكَّ مِنْ ذَلِكَ بِتَخْلِيصِهَا مِنْهُ وَإِخْرَاجِهَا عَنْهُ وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ فِكَاكُ الرَّهْنِ أَيْ تَخْلِيصُهُ مِنْ يَدِ مُرْتَهِنِهِ بِدَفْعِ مَا هُوَ فِي يَدِهِ مَرْهُونٌ بِهِ‏,‏ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا عِنْدَ نَوْمِهِ‏:‏ وَفُكَّ رِهَانِي أَيْ خَلِّصْنِي مِمَّا أَنَا مَطْلُوبٌ بِهِ‏.‏

وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الْعَانِي الَّذِي قَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ مَا قَدْ رُوِيَ وَهُوَ الأَسِيرُ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ‏:‏ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ جُدْعَانَ كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيُقْرِي الضَّيْفَ وَيَفُكُّ الْعَانِيَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا قَطُّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ‏:‏ قُلْت يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي عَنِ ابْنِ عَمِّي ابْنِ جُدْعَانَ قَالَ‏:‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ‏؟‏ قُلْت كَانَ يَنْحَرُ الْكَوْمَاءَ وَكَانَ يَحْلُبُ عَلَى الْمَاءِ وَكَانَ يُكْرِمُ الْجَارَ وَكَانَ يُقْرِي الضَّيْفَ وَكَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَيُوفِي بِالذِّمَّةِ وَيَفُكُّ الْعَانِيَ وَيُطْعِمُ الطَّعَامَ وَيُؤَدِّي الأَمَانَةَ فَقَالَ هَلْ قَالَ‏:‏ يَوْمًا وَاحِدًا اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ‏؟‏ قُلْت لاَ مَا كَانَ يَدْرِي مَا جَهَنَّمُ قَالَ‏:‏ فَلاَ إذًا‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ‏:‏ أَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ وَفُكُّوا الْعَانِيَ قَالَ‏:‏ سُفْيَانُ الْعَانِي الأَسِيرُ قَالَ فَدَلَّنَا مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذِهِ الآثَارِ فِي الْعَانِي إنَّ الْفِكَاكَ الَّذِي أَرَادَهُ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا أَخْبَرَ صلى الله عليه وسلم فِيهِ أَنَّهُ خِلاَفُ عَتَاقِ النَّسَمَةِ أَنَّهُ التَّخْلِيصُ مِنْ الأَسْرِ‏,‏ وَمِنْ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مَطْلُوبٌ بِهِ مِنْ الْمُكَاتَبِينَ‏,‏ وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ حَتَّى يَعُودُوا بَرَاءً مِنْ ذَلِكَ مُخْلَصِينَ مِنْهُ غَيْرَ مَطْلُوبِينَ بِهِ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏